Yasser Khalil

مدونة تضم بعض اعمال الباحث والصحافي المصري ياسر خليل.

2007-09-25

الخطأ في القياس .. أزمة الإسلام والغرب
بقلم: ياسر خليل
في الشرق، كما في الغرب، يتم خرق قاعدة جوهرية في المعتقدات: ففي القرآن الكريم تأكيد على انه لا إكراه في الدين، وفي الغرب تأكيد مستمرة على حماية حرية الاعتقاد.
هل يمكن أن يلتقي العالمين الإسلامي والغربي، ويتفقا ويتعاونا معا رغم كل ما لديهما من تعارض في الثقافة؟ إجابة هذا السؤال - حسبما اعتقد بقوة – هي: نعم، ولكن إذا تم تجنب مشكلة أساسية، بالغة الخطورة، وهي، الخطأ في القياس.
والمقصود هنا بالخطأ في القياس، هو أن تحدد صحة أو خطأ سلوك "الآخر" وفقا لما تؤمن أنت به من معايير للخطأ والثواب.
على سبيل المثال، حين ينتقد شاب مسلم الغربيون لأنهم يشربون الخمور، ويقول أنها محرمة ولا يجب أن يشربوها. هل استخدم المقياس الصحيح في هذه الحالة؟
بالطبع لا، لأنه اخذ بالمعيار الذي يحكمه هو كمسلم، وطبقه على شخص آخر لا يشاركه في معتقداته، وبالتالي لا يقع على هذا الشخص واجب الالتزام بما يعتقد به ذلك المسلم.
في احد المرات كنت أتحدث مع فتاة غربية (غير مسلمة)، وكانت تنتقد المسلمين وترى أنهم مخطئين، لأنهم منغلقين، ولا يسمحون بإقامة علاقات جنسية قبل الزواج.
هذه الفتاة استخدمت أيضا مقياسها الخاص، وبدأت تطبقه على من لا يؤمنون به، وبالتالي رأتهم مخطئين.
هذه التقييمات الخاطئة لسلوك الآخر (وما أكثرها)، والانتقادات التي تتبعها، والمحاولات التي تتم "لإثنائه عن خطاياه" بطريقة أو بأخرى، هذا ما يخلق الصراعات والتوتر المستمر، وهو ما يجعل كلا الطرفين متوجس من الآخر، ويرسخ الاعتقاد بأننا نمثل تهديدا لبعضنا البعض.
وفي الحقيقة كلانا يخترق قاعدة جوهرية في معتقداته حين يفعل ذلك، ففي القرآن الكريم تأكيد على انه لا إكراه في الدين، وفي الغرب تأكيد مستمرة على حماية حرية الاعتقاد.
ويبدو أننا بتنا نعتقد أن الإكراه في الدين أو تقييد حرية الاعتقاد، يحدث فقط حين تجبر شخصا على التحول من دين الى آخر، أو تمنعه من ممارسة صلواته وشعائره الدينية.
وفي الواقع العملي كلانا يخالف تلك القواعد الأساسية، لأنه ليس من المنطقي أن يكون لدينا قناعة حقيقية بأنه لا إكراه في الدين أو أن حرية الاعتقاد حق مكفول لدي حضارتنا، ثم نأتي ونستخدم معاييرنا الخاصة لتقدير مدى صحة أو خطأ غيرنا، بل ونجبره في بعض الأحيان على الالتزام بما نؤمن نحن به لو استطعنا.
قد نتفق على أن الحياة مرحلة للاختبار، أو فرصة، ومن حق كل إنسان أن يأخذ فرصته، دون أن يتعدى على فرص وحريات الآخرين، خاصة إذا لم يكن لنا يد في منحها إياه، وإنما منحها له من أوجده.
ربما يكون هذا هو المنطلق المنطقي للحرية الدينية، أو عدم الإكراه في الدين. من يؤمن بالبعث والحساب يحتاج هذه الفرصة، لأنه بعد البعث سيجني حصاد أعماله ومعتقداته في الدنيا، ومن لا يؤمن بالبعث يحتاج إليها لأنه يريد أن يستمتع بها أو يستغلها كيف يشاء.
قد يدفع البعض بأنه لو تجاوزنا نقطة الخطأ في القياس، فان الأزمة لن تنتهي لان للغرب "أطماع" (أو بتعبير أكثر دقة، مصالح) في العالم الإسلامي، وانه تدفعه الى الصراع والغزو من اجل الحصول عليها.
هذا الفرض غير صحيح لان لكل الدول مصالح مع بعضها البعض، وكذلك خلافات، وطريقة التعامل للحصول على تلك المصالح، أو لحل تلك الخلافات، تتوقف على طبيعة العلاقة بين الطرفين، ومدى حدة التوتر بينهما. لذا من المهم العمل على تحسين العلاقات، وللخفض من حدة التوتر إذا كان لدينا رغبة صادقة في التلاقي والتعاون.
تجاوزه مسالة الخطأ في القياس سوف يوجد بيئة أفضل للتعايش، وللاحترام المتبادل، ومن ثم يمكن حل المشكلات الاقتصادية والسياسية وغيرها، بشكل أفضل، بعد أن يزول الترقب، والتوجس الذي بقى طويلا بين الحضارتين.
من المهم أيضا النظر الى كلتي الثقافتين على أنهما منظومتين متباينتين، لكن كل واحدة منهما متكاملة ومتجانسة في ذاتها. وهذا التباين يتضمن رؤى متعارضة، لكنه طور أيضا حلولا مكملة ومعالجة للمشكلات الموجودة لدي الطرف الآخر.
لكن تحديد تلك الحلول المكملة، أو المعاجلة، لا يجب أن يأتي نتيجة ضغط من طرف على طرف آخر. لأنه قد لا يكون حلا، بل جزء متعارض مع المنظومة الأصلية، فيتلفها.
وهذا ما يحدث في بلداننا الإسلامية منذ عقود، لقد أخذنا، أو فرضت علينا قطع غير متوافقة مع منظومتنا. أصبحنا مثل سيارة لها إطاري جرار زراعي في الأمام، وآخران لسيارة مرسيدس في الخلف، وموتر دراجة بخارية، ولها بوق قطار.
أخذنا قطع عديدة غير مناسبة، واحتفظنا بمنظومتنا الأصلية، خربة دون إصلاح. أما في الغرب فمنظومتهم، أو سيارتهم - حتى أن لم تكن تعجب البعض - متكاملة، كل جزء فيها متناسق مع الآخر.
لهذا سيارتهم تتقدم بسرعتها الطبيعية، وسيارتنا لا تتحرك أو تتحرك ببطء محدثة جلبة وباعثة أدخنة خانقة لنا وللعالم أيضا.
وهذا انعكاس هام وطبيعي، للخطأ في القياس. خطأ في تشخيص المشكلات، وبالتالي الإخفاق في تقدير ما هو العلاج الصحيح.
في النهاية، أود أن أوجه شكرا خاصا للدكتورة ميسون الدخيل، الأستاذة الجامعية والكاتبة السعودية المعروفة، لأنها شجعتني على التركيز على مسألة "الخطأ في القياس"، بعد أن تفضلت متبرعة بترجمة فقرتين من مقال سابق تحت عنوان " بن لادن وتحويل الأمريكيين إلى الإسلام!" وأرسلتهما الى مجموعة من أصدقائها الأمريكيين، ولقيت الفكرة استحسانا منهم وقاموا بإعادة إرسالها لأصدقائهم، وهو ما شجعني على كتابة مقال خاص بهذه الفكرة، فشكرا لها.
الفكرة أيضا لقيت استحسانا من زملائي وأصدقائي، ومنهم الصحافيين العرب والأجانب زوي التوجهات الدينية والعلمانية، وهو ما يفتح باب الأمل.
ياسر خليل
باحث وصحافي مصري

Yasserof2003@yahoo.com

2007-09-23

مركز الخليج للابحاث يعيد نشر مقال: تفريغ الدائرة .. مراجعات للقضاء على الإرهاب

اعاد "مركز الخليج للابحاث" في دولة الامارات، نشر مقال تحت عنوان "تفريغ الدائرة .. مراجعات للقضاء على الإرهاب" ضمن مصادره الخارجية لقسم "قضايا الأمن والارهاب في دول مجلس التعاون الخليجي". والمركز ضمن المراكز البارزة في الخليج، ويغطي العديد من القضايا التي تهم دول المجلس، وربما يصل عدد الموضوعات التي تقع في اطار اهتمامه نحو 50 موضوعا مختلفا.

2007-09-18

ثلاث مقالات نشرت بجريدة "اخبار العرب" الاماراتية المرموقة

تشرفت بان اختارت جريدة "اخبار العرب" الاماراتية المرموقة 3 مقالات كنت قد كتبتها مؤخرا، واعادت نشرها
احد معارفي اخبرني بانه قرأ مقال في الجريدة واسعة الانتشار في الامارات والخليج، يتحدث عن دعوة بن لادن للامريكيين للدخول الي الاسلام، ويحمل اسمي
بحثت في موقع الجريدة الالكتروني، وكانت المفاجاءة سارة جدا بالنسبة لي لانني وجدت 3 مقالات وها هي عناوين المقالات والروابط الخاصة بها
(القاعدة) وتحويل الأمريكيين إلى الإسلام!
كما في الجريدة
http://213.42.143.202/NewsImages/092007/10092007/PDF_44581.pdf
كما في الموقع
http://www.akhbaralarab.co.ae/viewarticle.asp?param=44585

اللوبي اليهودي: كيف يعمل ويؤثر في السياسة
كما في الجريدة
http://213.42.143.202/NewsImages/082007/11082007/PDF_38540.pdf
كما في الموقع
http://www.akhbaralarab.co.ae/viewarticle.asp?param=38543

نمو الإسلام في الاتجاه الصحيح
كما في الجريدة
http://213.42.143.202/NewsImages/062007/27062007/PDF_30570.pdf
كما في الموقع
http://www.akhbaralarab.co.ae/viewarticle.asp?param=30572

ملاحظة: قد تحتاج الي برنامج
Acrobat Reader
لمشاهدة الموضوعات كما نشرت في صفحات الجريدة لانها متاحة بتنسيق "بي دي اف"

2007-09-15

تفريغ الدائرة .. مراجعات للقضاء على الإرهاب

بقلم: ياسر خليل
الناشر: موقع ميدل ايست اونلاين -2007-09- 15- اضغط هنا لمشاهدة المقال
مهما كانت عدالة قضية المقاومة، لكنها لا تتيح لاحد قتل المدنيين الابرياء.
"الإرهاب"... وضعت الكلمة داخل علامتي الاقتباس لان مفهومها غير محدد بصورة دقيقة، حتى بعد مرور 6 سنوات من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة عليه. هذا جزء حيوي من الأزمة – الصياغة المطاطية – وهو ما يفقد الحرب الدعم من قبل فئات هامة يمكن أن تؤثر بقوة في مسار الحرب.
والجانب الأكثر حيوية وخطورة، هو الأسلوب الذي تدار به المعركة، لأنه يجعل دائرة الإرهاب تستقبل ولا تطرد، وتحشد حولها المزيد من المشجعين والداعمين معنويا وربما عمليا.
يقول الدكتور وولتر لاكير المدير السابق لـ"مجلس الأبحاث الدولي" في واشنطن، أن هناك أكثر من مائة تعريف للإرهاب، وانه "وضع شخصيا تعريفين أو ثلاثة. إلا انه ما من تعريف مرض تماما بين هذه التعريفات" ("الإرهاب: تاريخ موجز"، مجلة E-Journal عدد مايو 2007).
ويضيف الدكتور لاكير "لقد قيل أكثر مما ينبغي، في رأيي، حول عنصر 'الأهداف غير المحاربة'. إذ ليس هناك جماعة إرهابية في التاريخ اقتصرت هجماتها على جنود أو رجال شرطة".
وحتى نخرج الكلمة من بين علامتي الاقتباس، اقترح أن نقصر مفهوم الإرهاب على الجانب الذي يعد قاسما مشتركا، ويحظي بقبول واسع وسط العامة والنخبة.
وهو انه "عنف متعمد، تحركه دوافع سياسية، ترتكبه جماعات أو عملاء سريون، ضد أهداف مدنية". وسنتجنب استخدام الجملة - المطاطة - التي طال الجدل والخلاف بشأنها وهي "أهداف غير محاربة"، ونستخدم بدلا منها "أهداف مدنية".
إذا تم قبول هذا الاقتراح، ولو بشكل مبدئي، يمكن أن ننتقل الى الخطوة التالية، وهي العمل على تفريغ دائرة الإرهاب من عناصره وجماعاته، بأساليب مختلفة، تتجنب وقوع اكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية.
في داخل الدائر التي تستهدفها واشنطن وحلفائها (خاصة الغربيون)، يوجد نوعان من الجماعات "الإرهابية".
النوع الأول، يضم تنظيمات توجه ضرباتها في المقام الأول ضد المدنيين، وفي مقدمتها تنظيم القاعدة والجماعات التي أعلنت ولائها له. وهذا النوع لا يوجد خلاف على كونه يرتكب جرما، ويعتبره إستراتيجية ثابتة له.
النوع الثاني يستهدف إجلاء الاحتلال عن أراضيه، ويوجه عملياته ضد القوي العسكرية المحتلة، ولكنه يقوم في بعض الأحيان بارتكاب هجمات ضد مدنيين، ويضم في مقدمته الجماعات الفلسطينية، مثل "حماس"، و"الجهاد الإسلامي"، و"حزب الله" اللبناني.
وهذا النوع يوجد عليه خلاف واسع بين العالمين الغربي والإسلامي، فالغرب يعتبرها تنظيمات إرهابية، فيما نعتبره نحن في العالم الإسلامي حركات مقاومة شرعية.
وحل الخلاف الناشئ بشأن النوع الثاني، سينطوي على مصالح للطرفين، لأنه سيجعل لكلمة "الإرهاب" مفهوما واضحا، موحدا، وسيضعه في خانة الجرائم التي يستنكرها الجميع، وسيجتذب مؤيدين جدد للحرب عليه، لأنه يهددنا مثلما يهدد الغرب، وسيثني جماعات المقاومة عن الانزلاق في تلك الأعمال.
نحن نريد أن نخرج فصائل المقاومة المشروعة من دائرة الإرهاب المستهدف، ولا يجب أن نتوقع، أن حل هذا الخلاف سيحدث برفع الولايات المتحدة أسماء فصائل المقاومة من على قوائم الإرهاب لمجرد مطالبتنا بذلك، ودون تغيير جوهري مقنع.
هناك جزء خاص بتلك الفصائل، وهو تصحيح الخطأ أو الأخطاء. وواجب متعلق بنا نحن، وهو أن نناصرهم ولكن بالمفهوم الصحيح للمناصرة، وهو إعادتهم الى الطريق السليم إذا ما رأيناهم يخطئون الطريق وسط هذه المعارك الحامية، المربكة.
ولابد أن اعترف أن الأمر بالغ الصعوبة، فكاتب هذه السطور، ظل حتى وقت قريب، لا يرى أي مبرر لوضع فصائل المقاومة خاصة الفلسطينية على لائحة الإرهاب، ولم يكن يتقبل وصمها بهذه التهمة، وكان يرى ما يترتب عليها من ردود فعل دولية، أمر جائر. ولكني حاولت أن انظر الى الأمر بطريقة مختلفة، وافهم كيف يفكر الطرف الآخر، ففهم وجه نظره سيكون جزءا من الحل.
تساءلت: ماذا لو أن أخا طيبا، نحبه، ونقدره، يفعل الكثير من أعمال الخير والبر، وفجأة ارتكب جريمة قتل، واعترف بها، وتباهى، وقال أن القتل سيكون ضمن خياراته للحصول على مطالبه المشروعة.
ما هي الصفة أو اللقب الجديد الذي سوف يحمله هذا الرجل؟ سوف يحمل لقب قاتل بلا شك، وستكون هذه هي الصفة الأكثر بروزا له أمام الآخرين، ولن يفيد إذا أنكرنها عنه، بدافع حبنا وتقديرنا له.
يفترض أننا اتفقنا على أن الإرهاب بالمفهوم السابق ذكره (مهاجمة أهداف مدنية) جريمة.
وما حدث من حركات المقاومة العربية الموضوعة على قوائم الإرهاب مماثل لما فعل صاحبنا الطيب، فهم يخوضون نضالا مشرفا ضد قوى الاحتلال، وهذا النضال تقره كل المواثيق والأعراف الدولية والإنسانية، وخاضته كل الشعوب الحرة، ولكنهم في ذات الوقت ارتكبوا هجمات وعمليات مسلحة ضد مدنيين، واقروا بذلك، بل ونشروا البيانات لنسبها لأنفسهم، ومن ثم التصقت بهم تهمة الإرهاب، كما التصقت جريمة القتل بالرجل الصالح الذي تحدثنا عنه سابقا.
ربما لا يملك هذا الرجل فرصة للعودة عن خطأه، ولن يفلت من حكم الإعدام أو السجن مدى الحياة. لكن الحركات السياسية تملك ذلك إذا قررت التراجع عن تلك الأعمال (الإرهابية)، وأقرت بأنها جريمة، وأنها لن تكون ضمن خيارتها في المستقبل، مع احتفاظها بحق المقاومة ضد قوات الاحتلال إذا ما أثبتت مراجعة رشيدة ومنصفة ضرورة استخدام هذا الحل. والمراجعات، وسعى مفكرو تلك الحركات لإيجاد حلول مشروعة، وجديدة، للنضال يضيف الى رصيدهم، ولا يخصم، ويدل على النضوج والتطور.
وقد يجادل البعض بان فصائل المقاومة الفلسطينية و"حزب الله" اللبناني، حين يقومون بهجمات مسلحة، أو يطلقون الصواريخ داخل المدن الإسرائيلية، لا يقتلون مدنيين، لان إسرائيل ليس فيها مدنيين، أو لأن وجود إسرائيل ليس مشروع أساسا.
هنا نحتاج الى أن نلتفت الى أمرين هامين. الأول هو أننا كثيرا ما ندافع عن حق المقاومة، ونحتج بان كل المواثيق والأعراف الدولية تقره، وننتقد المجتمع الدولي إذا ما قصر في تقديم الدعم المادي أو المعنوي للفلسطينيين، مثلما حدث (على المستوى الشعبي والإعلامي عندنا) على سبيل المثال، حين تولت حماس السلطة، وتعرضت لحصار دولي بعد انتخابها ديمقراطيا.
هذا يشير الى أننا نعترف بان للمجتمع الدولي دور في حياتنا، ونستند الى قوانينه للدفاع عن قضايانا العادلة، ومن ثم يجب أن نحترم تلك القوانين وذلك المجتمع الذي اقرها. تلك القوانين والمجتمع الدولي الذي وضعها أقرت بوجود إسرائيل واعترفت بها كدولة. واعتبرت الإرهاب جريمة.
الأمر الثاني هو القول بأنه ليس هناك مدنيين في إسرائيل، وان جميع المواطنين هم جنود في الجيش، وهذا القول غير دقيق لعدة أسباب، كل الأطفال تحت سن الثامنة عشر ليسوا جنودا، وهناك من يصل الى سن التجنيد ويحصل على "بروفيل 21" ولا ينضم الى الخدمة الإجبارية، ونسبتهم غير قليلة، وكذلك المسنون ليسوا جزءا من الجيش، وبعض العرب الإسرائيليين الذين يرفضون أو يتهربون من الالتحاق بالجيش، وهؤلاء جميعا مدنيون.
وجدير بالملاحظة بأنك حين تضرب هدفا مدنيا، مثل حافلة نقل ركاب، أو مطعم، أو سوق، أو حي سكني، لا يكون لديك علم بمن هم المدنيون، ومن هم جنود الجيش، ولن يمكنك تجنب هؤلاء. يضاف الى هذا أن الجندي الذي تقتله في منطقة مدنية وقت إجازته، يكون في الغالب اعزل، وهذا ليس شرفا أن تقتل شخصا اعزل، وجريمة مؤكدة أن تقتل مدنيين.
لو استطعنا أن نخرج قوى المقاومة خارج دائرة الإرهاب، سيبقي تفريغ الدائرة من الإرهابيين الحقيقيين. وهنا يأتي دور الأمريكيين وحلفائهم، خاصة من الدول الإسلامية التي لها رعايا منخرطون في أعمال إرهابية.
اعتقد أن الهدف الأحق بالاهتمام، هو القضاء على الإرهاب كجريمة، وليس القضاء على حياة الإرهابيين أنفسهم. قيل أن أميركا قتلت نحو 80% من قادة "القاعدة" بعد غزوها لأفغانستان في 7 أكتوبر 2001، واليوم "القاعدة" أعادت تشكيل صفوفها، وأضحت اقوى مما كانت عليه قبل عام 2001.
وربما سيكون من الحكمة أن تفتح الدائرة المغلقة، للخروج، فدائرة الإرهاب حاليا تسمح بدخول الراغبين إليها، لكنها لا تسمح بخروجهم منها. وفي داخل هذه الدائرة أصناف من الناشطين، منهم من دخلها مغررا به، ومنهم من دخلها راغبا في الدفاع عن دينه ويظن أن هذا هو الطريق الصحيح، ومنهم من يعمل لخدمة أغراض خاصة به ويتخذ من الدين وسيلة وستارا لتحقيقها. وربما توجد أصناف أخرى يمكن التعرف عليها عبر البحث والدراسة المعمقة.
لكن جوهر الفكرة، هو أن تفتح الدائرة، أمام من يريد الخروج منها، وتخاطب كل شريحة بالخطاب المناسب لها، وتتخذ الإجراءات الكفيلة ببناء الثقة وإنهاء الأزمة وعدم تكرارها.
فعلى سبيل المثال، الشريحة المغرر بها، لو تأكدت أنها سوف يسمح لها العودة الى بلادها دون أن تقضي ما تبقى من عمرها في غياهب السجون وتحت وطأة التعذيب، سوف تسعي الى الهروب من الكابوس الذي تعيش فيه حاليا داخل شبكات الإرهاب، وبعد أن يتم التأكد من صدق نواياهم، يجب أن يحرروا بالفعل، وتسلط عليهم الأضواء الإعلامية حتى يكونوا نموذجا يعطي الطمأنينة لمن يرغب في اللحاق بهم من عناصر الشبكة.
الشريحة التي ترغب في نصرة دينها، من الضروري أن يتم التحدث لها باللغة التي تفهمها، وهو الخطاب الديني، من قبل علماء مقتدرون يقدمون الحجج الدينية الصحيحة، التي توضح أن ما يقوم به تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الإرهابية المماثلة خطأ وجريمة تضر بالدين وبالمسلمين.
ومن الضروري أيضا أن تبرهن الولايات المتحدة والغرب بشكل واقعي ومقنع على عدم وجود نية لديهم بالتدخل في شئون الدول الإسلامية أو الدين الإسلامي مستقبلا، بالصورة التي أثارت حفيظة الكثيرين.
وهكذا، تخاطب كل شريحة ويفتح لها الباب للخروج، ويتم التأكد من نية عناصرها ورغبتهم في الحياة كمواطنين صالحين في بلدانهم.
ستتوالى الموجات المتدفقة الى خارج الدائرة الى أن تفرغ شيئا فشيئا، ويتبقى المعاندون، وأصحاب المصالح، وغالبا سيكون عددهم قليلا جدا، ومن ثم سيمكن اعتقالهم أو القضاء عليهم، خاصة وان فئات متزايدة من المسلمين وعلماء الدين سيتعاونون (وهذا أمر حاسم) بعد أن تبنى الثقة في أن الحرب الجارية موجهة ضد جريمة الإرهاب، وبهدف تأمين المدنيين، وليست ضد دينهم أو أوطانهم.
ياسر خليل
باحث وصحافي مصري

Yasserof2003@yahoo.com

2007-09-09

بن لادن وتحويل الأمريكيين الى الإسلام!

بقلم: ياسر خليل
الناشر: موقع ميدل ايست اونلاين -2007-09- 09 - اضغط هنا لمشاهدة المقال
لا يمكن تشبيه رسالة زعيم القاعدة الاخيرة مع الرسائل التي بعثها الرسول (ص) الى الحكام والملوك والقبائل يدعوهم فيها إما الى الإسلام أو الحرب أو الجزية.
كان شيئا مثيرا للاستغراب والاستنكار ما قاله أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في شريطه الأخير. فقد حدد خيارين للأمريكيين: إما الإسلام، وإما تعرضهم لخطر الإرهاب.
ربما يؤيد الكثير من الشباب المسلم (سرا أو علنا) ما قاله بن لادن، ويخلط بينه وبين الرسائل التي كان يبعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الحكام والملوك والقبائل، يدعوهم فيها إما الى الإسلام أو الحرب أو الجزية.
وجوهر الاختلاف هنا، يأتي في أن الرسول (ص) كان يفعل ذلك ليوفر حرية العقيدة لمن يريد أن يؤمن، وسط جو من الاضطهاد والقتل لكل من يدخل الدين الجديد.
الآن في أمريكا وأوروبا، المساجد والمراكز الإسلامية تحاط بحراسات مشددة، بل ويعتقل ويحاكم من يسعى الى المساس بأمنها أو بأمن المسلمين، ويحاكم من يضطهد شخص على أساس ديانته أو عرقه. هناك جو يحمي حرية العقيدة، خاصة في أمريكا وبريطانيا. وللحق، هناك بعض الانتهاكات من قبل بعض المتطرفين أو الغاضبين، ولكنها غير قانونية، وتعتبر جريمة، ويعاقب من يقترفها.
ومن ثم فلا تشابه بين التهديد الذي يوجهه بن لادن، والجرائم التي يرتكبها، هو وأعضاء تنظيم القاعدة، وبين دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لحماية حق الاعتقاد، بعد أن ذاق المسلمون 13 عاما من التعذيب والقتل والضغوط على المسلمين الجدد لترك الإسلام.
بن لادن لا يدعو الى الإسلام (حسبما افهم)، ولكنه لا يعجبه ما يحدث في الغرب، لا يعجبه شرب الخمر، والحرية الجنسية، وفوائد البنوك، وما الى ذلك. هو يقيس الأمور من وجهة نظره. فهل هذا صحيح. وهل نقبل كمسلمين أن يفعل معنا غيرنا بالمثل؟ أود أن أناقش هذه الموضوع بشكل عام، في السطور التالية، فاسمح لي.
اعتقد أن منبع الأزمات الثقافية والدينية، وما ترتب عليها من صراعات تاريخية، بين العالمين الغربي والإسلامي بشكل عام، وربما هو أيضا ما أسهم بدرجة كبيرة في افرز بن لادن وغيره من المتطرفين في الحضارتين، هو قياس مدي صحة فعل الآخر بمعايير مصدرها ثقافة ومعتقدات الطرف القائم بالقياس والمقارنة، هذا ما يخلق الصراع والاختلاف. وما يوطده أن كلاهما يشعر بأنه مكلف بأداء رسالة عالمية.
هذا الخطأ في القياس لا يعفي منه، لا المسلمون، ولا الغربيون المسيحيون أو العلمانيون.
فهذا النوع من القياس، يتعارض مع مبدأ الحرية الدينية عند الغربيين، وعدم الإكراه في الدين عند المسلمين، فليس من المنطقي أن يكون لدي قناعة راسخة وصادقة، بأنك من حقك أن تختار عقيدتك الدينية بحرية، ودون أن أكرهك على اعتناقها، ثم اعتقد انك مخطئ، ويجب أن تغير ما تفعله، لأنك لم تلتزم بما أؤمن أنا به في قضية معينة، ففي هذا تناقض واضح جدا.
وعلى سبيل المثال، مسالة الاتصال الجنسي بين الرجل والمرأة (خارج إطار الزواج)، لها رؤى مختلفة عند المسلم والمسيحي والعلماني، فهي عند المسلم تعد من كبائر الذنوب لو ارتكبت خارج إطار الزواج الشرعي، وتستوجب عقابا صارما، فيما يتحدث عنها المسيحي الغربي على أنها أمر من المفضل أن يحدث في إطار الزواج، ولكن إن حدث خارجه فهذه خطيئة ولكنها في نهاية الأمر مسألة بين الإنسان وربه، أما العلماني فسيتناولها من منظور الحرية الشخصية، وان الجسد ملك لصاحبه يفعل فيه ما يشاء.
هذه الرؤى، يترتب عليها الكثير جدا من الأمور المتعلقة بمساحات الاختلاط بين الجنسين، والزى، والعمل، ومتابعة الأفلام والمشاهد المثيرة، وغير ذلك. أنها منظومات متكاملة.
لان مدى خطورة القضية تحدد في نفوسنا تلقائيا عبر نوع العقاب المرتبط بها، في معتقداتنا، أو في قوانيننا. فإذا كان العقاب قاسيا، نعلم انه أمر يجب الحذر منه، وعدم الاقتراب من أي شيء قد يؤدي إليه. أما إذا كان الأمر دون عقاب، أو يستوجب فقط اللوم والنهي الشفهي، لا نشعر بالحرج أو الخطر ذاته حين نقترب منه، أو من أي شيء من المحتمل أن يؤدي إليه.
ربما يمكننا أن نتفق على أن الحياة مرحلة للاختبار، أو فرصة، ومن حق كل إنسان أن يأخذ فرصته كاملة، دون أن يتعدى على فرص وحريات الآخرين، خاصة إذا لم يكن لنا يد في منحها إياه، وإنما منحها له من أوجده (الله، الطبيعة، الصدفة، بغض النظر عن ما تؤمن به).
وقد يكون هذا هو المنطلق المنطقي للحرية الدينية، أو عدم الإكراه في الدين. من يؤمن بالبعث والحساب يحتاج هذه الفرصة، لأنه بعد البعث سيجني حصاد أعماله ومعتقداته في الدنيا، ومن لا يؤمن بالبعث يحتاج إليها لأنه يريد أن يستمتع بها أو يستغلها كيف يشاء.
إذن، ماذا لو جاء المسلم لمن لا يؤمن بعقيدته، وقال له أنت تخطئ لأنك تشرب الخمر أو "تزني" وهذا من الكبائر وتستوجب العقاب؟ أليس هذا تحميل له بالتزامات دون مقابل (الجنة)، وأليس هذا اقتطاع من فرصته التي منحت له من خالقه؟
وهذا النموذج من القياس الخاطئ لسلوك الآخر، مثلما يحدث من قبل المسلم، فانه يحدث أيضا من قبل المسيحي واليهودي والعلماني وغيرهم حين يقيسون سلوك المسلم وأحكام الإسلام، وحين يقيس بعضهم سلوك بعض أيضا.
إذن يمكن أن يقتطع احدنا من فرصة الآخر حين يقيس من منظوره هو، وبمعاييره ومعتقداته التي لم يختارها الآخر كمنهج وأسلوب للحياة، وبالتالي فانه لا يقع عليه وجوب الالتزام بها.
الاختلاف العقائدي أو الأيدلوجي، لا يمنع من أن هناك الكثير من الأرضيات المشتركة التي يمكن أن تجمع وتقرب بين الحضارتين، ومن تلك الأرضيات ما هو جلي، يمكن التعرف عليه بسهولة، مثل جنسنا البشري الواحد، إنسانيتنا، التي توفر مساحة كبيرة جدا من الأرض المشتركة للتعاون في مجالات مثل محاربة الفقر والمرض وتطوير العلوم والتقنيات النافعة للبشرية وغير ذلك الكثير.
ومنها ما هو مشوش، بسبب عدم الاتفاق على وحدة القياس، ولكن المسافة واحدة في حقيقة الأمر، فالخلاف على حقيقة هذه النوع من الأرضيات يبدو مثل خلاف بين شخصين يتصارعان بحدة، على ما هو طول مساحة من الأرض تبلغ 16 ألف متر، فاحدهما يرى أنها 16 كيلومتر، فيما يرى الآخر أنها 10 أميال، وكلاهما صحيح، ولكن يبقى الاتفاق على أن الميل يساوي 1,6 كيلومتر، والكيلو متر يساوي نحو 0,62 ميل، ولكن في النهاية المسافة واحدة ومتطابقة.
هذا النوع من الأرضيات، اعتقد أن مساحته شاسعة جدا، ولكنها تحتاج الى من ينقب عنها بأفق واسع، وقلب منفتح لا يتعارض مع مبادئه ومعتقداته، ولكنه يتقبل وجهة النظر الأخرى بصدر رحب، ويستمع إليها حتى يزول التشويش. فالاستفادة بما في رأس غيري من خبرات وأفكار أفضل من تدمير هذا الرأس الذي يمكن أن يضيف الكثير لجنسنا البشري المهدد بأخطار وكوارث طبيعية ومناخية وصحية لا حصر لها.
ياسر خليل
باحث وصحافي مصري

Yasserof2003@yahoo.com