Yasser Khalil

مدونة تضم بعض اعمال الباحث والصحافي المصري ياسر خليل.

2009-09-25

نحن والغرب - عالمي المتناقض



أراني متناقضا، واري عالمي أكثر تناقضا ... لدي الكثير من الأسئلة ... أريد أن افهم ... أريد أن أتعلم، هل يمكن أن تساعدني؟

لا يمكنني أن اكتب كل ما لدي من تناقضات وأسئلة محيرة الآن، سوف اطرح بعضها، ثم أواصل لاحقا

----------------------------------------------------------------------
المجموعة الأولي من التناقضات والأسئلة (أمور محيرة):

رقص قلبي فرحا حين قرأت عن مظاهرات في مدينة كولونيا الألمانية، ينظمها مواطنون ألمان، ضد متطرفين من مواطنيهم، قرروا الاحتجاج لمنع بناء مسجد كبير في المدينة. وفي المقابل سعدت كثيرا في كل مرة سمعت فيها عن مواطنين يتصدون بطريقة أو بأخرى لمنع بناء كنيسة في مصر.
لدي سؤال: لماذا شعرت بالسعادة من الشيء ونقيضه (النضال من اجل منح/حجب الحرية)؟

أري حشودا من عمال النظافة في شوارعنا، وارها مليئة بالمهملات. ولم أصادف عاملا واحدا من عمال النظافة في شوارع الغرب، واراها نظيفة. أسير سبعة أيام في شوارع المدن والريف الغربي فلا يتسخ حذائي، وأسير سبع دقائق في شوارعنا فيبدوا الحذاء وكأنه مخرج من مدفن تحت التراب.

غاضب من أمريكا وحلفاءها الأوروبيين الأشرار، لكنني علي استعداد لان أبيع ما لدي وأصبح مدينا بآلاف الجنيهات، وأسبح عشرات الكيلومترات في ظلمات البحار والمحيطات، كي أجد فرصة ولو غير شرعية للعيش هناك.

حين يرسل الأمريكيين مواطنيهم علي نفقتهم الخاصة ليتعرفوا علي حضارتنا، أرهم كجواسيس يرغبون في دراستنا وفهمنا جيدا، وحين يدعون مواطنين من بلدي لزيارة بلدهم للتعرف عليه ودراسته، اعتقد بأنهم يجندون عملاء لهم.

لم أتخلص بعد من قلقي وحيرتي منذ تحدث صديق عن مدي خطورة البهائيين، قال ماذا سيحدث حين يجلس ابني بجانب طفل بهائي، لابد أنه سيتأثر. ولكن في الغرب، أطفال المسلمين يخالطون اليهود والمسيحيين والهندوس والبوذيين واللادينيين في مدارسهم وفي منازلهم (كجيران لهم)، ومع هذا فهم مسلمون جيدون.

----------------------------------------------------------------------
المجموعة الثانية من التناقضات والأسئلة (لماذا منظومتنا مختلة دائما؟!!):

في الغرب المرأة ترتدي الثياب الضيقة والتي تصف مفاتنها، وهي تعلم ان هذا سيلفت نظر الرجال بالفطرة، وتكون سعيدة حين يبدي احدهم اعجابه بنظرات او كلمات رقيقة ومعبرة، اما لدينا فالمرأة ترتدي الثياب ذاتها، ولكن اذا نظر احدهم "فهو قليل الادب" و"بيبص بصات مش محترمة"، واذا ابدي اعجابه بكلمات رقيقة ومعبرة فهو "سافل ومش متربي" و"نيته وحشة".

حين خرجت المرأة للعمل في الغرب، اقتسم الزوجان اعباء الحياة: يتشاركان في تاسيس المنزل، ومصروف البيت وواجباته اليومية. لكن حين خرجت المرأة لدينا الي العمل، لازالت تطالب الرجل: بشراء وتجهيز منزل الزوجية، ودفع المهر والشبكة، وتحمل مصروف البيت (يا الدفع يا الحبس)، وهو ايضا يجب ان يشاركها في اعباء المنزل لانها تعمل مثله.

الديمقراطية لدينا هي: من حقك ان تقول ما تشاء وستفعل الحكومة ما تريد. هناك تعددية حزبية ولكن الحزب المعارض عند النظام الحاكم، مشابه لمفهوم الدولة الفلسطينية من وجهة نظر نتنياهو (دولة منزوعة السلاح) حزب منزوع الشعبية.

هناك درجات متباينة من العلمانية في الغرب، بعضها متشدد مثلما في تركيا وفرنسا، وبعضها متسامح كما في امريكا. في بلداننا الامر محير، لا اعرف هل نحن نطبق النظام العلماني ام الديني؟! العلمانية تعتمد علي اهل الارض (تحت)، اما الدين فيعتمد علي "امر السماء" (فوق)، والنظام لدينا "حبا فوق وحبا تحت" علي راي اغنية المطرب احمد عدويا.
بكلمات اخري: في الغرب – وفقا للمنهج العلماني – يمنعون تدخل الدين في شئون الدولة، وكذلك يرفضون تدخل السياسة في الدين. عندنا لا توجد قواعد واضحة.

----------------------------------------------------------------------
المجموعة الثالثة من التناقضات والأسئلة (مؤامرات إسرائيل والغرب):

نشأت وكل من حولي يقولون إننا ضحايا لمؤامرات تحيكها إسرائيل والغرب ليل نهار، لكن في السنوات الأخيرة، وبعد إعطاء هامش محسوب من الحرية للصحافة، وتوفر خدمة الانترنت، تكشفت حقائق لا يمكن إغفالها، والآن بت حائرا، وأرجو أن تساعدوني في حل اللغز، وإجابة سؤال اعتقد انه بالغ الأهمية:
هل يجب أن نوجه غضبنا وحربنا ضد إسرائيل والغرب أم ضد الفساد الذي يحيط بنا؟
هذه بعض الأمور التي لا استطيع فهمها:
كلما سمعنا بحالة فشل كلوي، أو سرطان أو غيرها من الأمراض الخطرة، جاءنا الرد سريعا: إنها إسرائيل، تعاوننا معها في مجال الزراعة هو الذي تسبب في ذلك، دفنها للنفايات النووية في بلدان منابع النيل سبب آخر.
ولكن مؤخرا، تكشفت بعض الحقائق الجديدة، مثل ري الزراعات بمياه الصرف الصحي غير المعالج، واختلاط مياه الصرف بمياه الشرب، واستيراد مسئولين فاسدين لمبيدات مسرطنة.

حين فشل فاروق حسني في اليونسكو، اتهمنا إسرائيل والغرب بالتآمر عليه لأنه مرشح عربي و"رافض للتطبيع".
ولكن من اللافت انه قبل الانتخابات، اجري حوارا مع صحيفة "يدعوت احرانوت"، ودافع عن قيادة المايسترو الإسرائيلي دانيال بارنبويم لإحدى حفلات الأوبرا، إضافة إلي انه تراجع واعتذر عن ما قاله عن حرق الكتب اليهودية، وقال إن تصريحاته أخرجت عن سياقها.
وإذا كانت العنصرية هي السبب في منع مرشح عربي من الحصول علي منصب أو جائزة دولية، لماذا تمكن الدكتور بطرس غالي من قيادة منظمة الأمم المتحدة بكاملها، وليس مؤسسة تابعة لها (مثل اليونسكو)؟ ولماذا قاد الدكتور محمد البرادعي الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ ولماذا حصل العديد من المسلمين والعرب علي جائزة نوبل التي تعد ارفع جائزة دولية في العالم؟

وجهنا اتهام لأمريكا بأنها تحتاج دائما لعدو، فبعد أن سقط الاتحاد السوفيتي وفكره الشيوعي، كان عليها أن تبحث عن عدو، قيل انه الإسلام. ما يبدو في الواقع – ولا اعرف أن كنت محقا أم لا - أننا أيضا نبحث عن عدو، ليس لنحاربه – كما نتهم الأمريكيين – ولكن لنعزي إليه بفشلنا وإخفاقاتنا المتلاحقة.


ملاحظة: "
نحن والغرب - عالمي المتناقض" مجموعة حوارية علي موقع فيس بوك الاجتماعي، ادعوك للمشاركة في الحوار