«إعلام المستقبل».. الكلمة العليا للمواطنين
لم يكن يتوقع دان جيلمور، مدير «مركز نايت لريادة الإعلام الإلكترونى» بجامعة ولاية أريزونا، أن يطل علينا «إعلام المستقبل» بهذه السرعة، وعلى الرغم من تحمسه الواضح لـ«صحافة المواطنين» فإنه يرفض القول بأنها ستحل محل الإعلام التقليدى، خاصة أن بعض المؤسسات الإعلامية استطاعت أن تبدأ فى التكيف مع الواقع الحديث، بل وتستثمره لإنتاج محتوى أكثر جودة وتأثيراً.
فى كتابه الذى صدرت طبعته العربية مؤخراً تحت عنوان «الإعلام.. أساس الصحافة من الجميع ومن أجل الجميع»، عن «الدار الدولية للاستثمارات الثقافية» التى تشارك به فى معرض الكتاب ضمن أحدث إصداراتها يؤكد جيلمور أن مشاركة المواطنين فى إنتاج الأخبار ومناقشتها وتداولها ليست وليدة اليوم، مشيراً إلى أن التطور التكنولوجى الذى يشهده العالم كان له عميق الأثر فى إبراز هذه المشاركة، حيث تحول الجمهور من متلق إلى مشارك وفاعل، وأضحى يساهم بوجهات نظره وخبراته فيما يمكن أن يطلق عليه «المحادثات الصحفية»، وفى إنتاج وتداول الأخبار التى أتاحت الإنترنت والتقنيات الحديثة أدوات أكثر يسراً لإنتاجها.
ويروى الكاتب الأمريكى كيف أن الإعلام التقليدى استطاع أن ينقل ويحلل ما حدث فى ١١ سبتمبر ٢٠٠١ من أحداث دامية لكن «شيئاً عميقاً كان يحدث: كانت الأخبار يتم إنتاجها بواسطة أشخاص عاديين لديهم ما يقولونه ويعرضونه وليس فقط بواسطة منظمات الأخبار الرسمية التى كانت تقرر تقليدياً الصورة التى ستبدو عليها مسودة التاريخ، لقد كانت المسودة الأولى للتاريخ تكتب- فى جانب منها- من قبل الجمهور السابق».
ويذكر جيلمور حادثة فارقة أسهمت فى التحول الراهن، حين انزعج أحد مبرمجى شركة «آبل» البارزين من التغطيات الصحفية لنشاط «آبل»، وهو ديف واينر، الذى لجأ- بعد فشله فى إقناع الصحف أن تعطى شركته قدراً من الاهتمام- إلى إرسال نشرة إخبارية عبر البريد الإلكترونى سماها «ديف نت». وواصل وينر طريقه وأنشأ أول تطبيق أتاح للمبتدئين إنشاء مدونات (Blogs) خاصة بهم.
ويتحدث فى سياق آخر عن انهيار الحواجز التى كانت تحجب الجمهور عن المساهمة فى خلق الأخبار. ويقول: «فى ضربة صحفية وضع روس كيرك- صاحب مدونة (ثقب فى الذاكرة)- الإعلام الكبير فى موقف مخز فى أبريل ٢٠٠٤» بعد نشره لصور الجنود الأمريكيين الذين قتلوا فى العراق.
وأشار إلى أن كتابة المدونات قد لا تكلف الأمريكيين إلا عواقب قليلة، لكنها فى ظل غياب حرية التعبير من بلد لآخر فى العالم قد تتسبب فى إحداث ثورات.
ويستشرف جيلمور مستقبل «صحافة الغد» وتكنولوجيا الويب بقوله « ثمة شىء واحد مؤكد: أننا جميعا سنصعق مما سيأتى فى المستقبل». ولا يتناسى الكاتب المُحرفين والمضللين، ويذكر مثالاً عن إثارة هوليوود لضجة زائفة حول أفلامها.
ويبدو الكاتب حزينا وهو يتحدث عن الحرية التى انتقصت بعد أن كانت أملاً براقاً تجلى مع ظهور الإنترنت، لافتا إلى أن هناك قوى تسعى إلى تقييد هذه الحرية، وتشمل: «المشتبه بهم المعتادين وهم الحكومة، وشركات الاتصالات (..) وشركات الترفيه، ولكنهم يضمون للأسف رواد التكنولوجيا الذين وعدوا بالكثير فى مجال الحرية الرقمية».
ويقول جيلمور فى الفصل الأخير: «إن هدفى من هذا الكتاب هو إقناعك بأن للصدام بين الصحافة والتكنولوجيا عواقب رئيسية على ثلاث دوائر: الصحفيون، وصانعو الأخبار، والجمهور»، معربا عن أن الصحفيين يفهمون ما يحدث، أما صانعو الأخبار لم يدركوا التحولات ولم يستخدموا الأدوات التى يمكنها أن تساعدهم فى التواصل مع الناس، أما الجمهور السابق فهو يلعب الدور الأهم فى الحقبة الجديدة.
نشر بجريدة "المصري اليوم" في 30-1-2010
وعلي بوابة "المصري اليوم" الاخبارية في 3-2-2010
مرسلة بواسطة Yasser Khalil @ 2:37 م
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية